بعد إلغاء وزارتها.. ماذا عن قضايا حقوق الإنسان ؟

أسفر غياب وزارة تعنى بحقوق الإنسان في الحكومة الجديدة عن تساؤلات وسط فعاليات حقوقية، حول طريقة عمل المندوبية الوزارية التي كانت تابعة للوزارة السابقة والسياسة التي ستتبناها الحكومة في هذا المجال.

يتساءل فاعلون حقوقيون عن رؤية الحكومة في مجال الدفاع عن حقوق المغاربة، خاصة بعد إلغاء الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان، مع الإبقاء على المندوبية الوزارية التابعة لها.

وفي هذا الإطار، أكد عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أن الدولة المغربية بذلت مجهودا في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، مبرزا أن الحكومة السابقة ساهمت في تعزيز القوانين ومبادئ حقوق الإنسان في التشريع المغربي، من خلال الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان.

وأشار إلى أن مجهودات الحكومة تجلت، خاصة في وضع خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي عرفت تجويدا نوعيا لتفعيلها على أرض الواقع.

كما ذهب الخضري إلى وجود مجموعة من المبادرات التي تروم تقوية وتعزيز قدرات المجتمع المدني وتأهيله للترافع في هذا المجال، “والتي يجب الاستمرار في تكريسها خلال الحكومات المتعاقبة”.

وفي المقابل، يرى الفاعل الحقوقي أن مجهودات الائتلاف الحكومي السابق لم تكن كافية لتحسين الوضعية الحقوقية بالمملكة، “ما يتطلب المزيد من العمل والجهد في هذا المجال من طرف الحكومة الحالية”، وفق تعبيره.

وأكد أن الـ100 يوم الأولى من عمل الحكومة كفيلة بإيضاح الصورة حول مدى اهتمامها بتعزيز الجانب الحقوقي، في ظل وجود ملفات حقوقية ثقيلة موضوعة على طاولتها.

وأشار، في هذا الصدد، إلى وجود ملفات لا تظهر على المستوى الحقوقي إلا أنها تتطلب تدخلا هاما من الحكومة، تتعلق أساسا بالاحتكار الذي تشهده مجموعة من المواد الأساسية، والذي يعد نوعا من الانتهاك الاقتصادي لحقوق المواطنين، وانتهاكا لقدرتهم الشرائية.

وفي ما يتعلق بعمل المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والتي كانت تابعة للوزارة السابقة، أوضح الخضري أنها “تظل مؤسسة دستورية ستقوم بمهامها المعتادة، فيما ترتبط حماية حقوق الإنسان بالفاعل السياسي من الدرجة الأولى وليس بالمؤسسات”.

تأطير عمل المندوبية

من جهته، أوضح صبري لحلو، محام وخبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان، أن المغرب أسس لتجربة تمزج بين مبدأي “نيويورك” و”باريس” في المجال الحقوقي، “إذ كانت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان تعمل تحت وصاية الوزارة المكلفة، في إطار تبعية حقوق الإنسان للسلطة التنفيذية، وفق مبادئ نيويورك، فيما يشتغل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بصفة مستقلة عن السلطة التنفيذية التي تمثلها الحكومة، وذلك انسجاما مع مبادئ باريس التي تشترط اشتغال مؤسسات حقوق الإنسان في استقلالية تامة عن السلطة التنفيذية”.

وأشار إلى أن تجربة المغرب مزجت بين المبدأين من أجل ضمان حقوق الإنسان وفقا للشرعية الدولية. 

واعتبر لحلو، أن إلغاء الوزارة المكلفة لا يمس بالمسار الحقوقي للمملكة في ظل استمرار عمل المندوبية التي تشغل نفس المهام، مشددا على ضرورة سن قاعدة قانونية تؤطر عملها.

وفي المقابل، اعتبرت الحكومة في برنامجها أن الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات قضايا أفقية رئيسية ومشتركة بين عدد من القطاعات، ويحتاج النقاش فيها إلى روح جديدة وتناسق والتقائية ناجعة.

كما أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال عرضه لمضامين التصريح الحكومي أمام البرلمان، وجود “حاجة ملحة اليوم إلى تحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، بهدف تطويرها وتجويد محاورها، من أجل تقوية مسلسل الإصلاح السياسي في البلاد، وضمان حقوق الإنسان بكل أجيالها تعزيزا لدينامية الوعي الحقوقي بالبلاد”.

وشدد أخنوش، في هذا الإطار، على أن الحكومة ستعمل جاهدة على تعزيز صورة المملكة، خاصة لدى المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية الساهرة على احترام الحريات وحقوق الإنسان والحكامة الجيدة، ومحاربة الفساد، فضلا عن تحسين ترتيب المملكة في مختلف مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار