فقير: تجاوز عجز ميزانية الدولة يستدعي حكومة جريئة

حدد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني مجموعة من الأولويات لمشروع قانون المالية 2022، وذلك في مذكرة توجيهية حول إعداد مشروع القانون، موجهة إلى الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين، فما هي هوامش الحكومة المقبلة لتنفيذ هذه الأولويات؟

ترشيد النفقات، تعزيز آليات الإدماج والتقدم في تعميم الحماية الاجتماعية، فضلا عن تقوية الرأسمال البشري، وإصلاح القطاع العام وتعزيز آليات الحكامة، من بين أبرز الأولويات التي تحدث عنها رئيس الحكومة في مذكرته التوجيهية المتعلقة بإعداد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، مشددا على ضرورة التقيد بهدف تحقيق التوازن المالي عبر تعبئة الموارد الضرورية لتفعيل المشاريع الإصلاحية والتنموية الكبرى.

وأوصى رئيس الحكومة بضرورة إيجاد التوازن بين تنزيل هذه الأولويات والحد من الإكراهات الميزانياتية التي تؤثر سلبا على التوازن الهيكلي للمالية العمومية.

وحول إمكانية تنزيل هذه الأولويات، قال المحلل الاقتصادي المتخصص في السياسات العمومية، المهدي فقير، “إنه من الصعب الحديث في الظرفية الراهنة عن هواش كفيلة بتخصيص ميزانية للمشاريع الاجتماعية”، مشيرا إلى أن “خيط هذه الهوامش جد رفيع”.

وأوضح فقير، أن الأرقام الأخيرة تتحدث عن تزايد عجز ميزانية الدولة، فضلا عن ارتفاع في المديونية وضغوط تضخمية كبرى سبق أن حذر منها بنك المغرب، مشيرا، في المقابل، إلى وجود سياسة نقدية “رصينة” و”حكيمة” تمثل صمام أمان للتوازن الاقتصادي العام.

وأبدى فقير تخوفه من الضغوط التي تعرفها المالية العمومية بعدما تأثرت بتداعيات جائحة كورونا، وتبعات الأزمة المالية وجفاف سنة 2020، مبرزا أن “هذه الضغوط تأتي في وقت توجد فيه إشكالات أخرى ذات طابع هيكلي تتطلب مجموعة من الإصلاحات، من قبيل إصلاح الإدارة وترشيد النفقات وأوراش دولة تحتاج إلى سنوات من العمل”، وفق تعبيره.

وأضاف أن الوقت لن يسعف المالية العمومية من أجل امتصاص هذه الإصلاحات بسرعة، “ما جعل بنك المغرب يدعو إلى تسريع الإصلاحات وجرأة سياسية من أجل تقديم بدائل تعود بالنفع على البلاد”.

وقال فقير إن “بنك المغرب كان يعلم بوجود هذه الضغوط التضخمية التي قد تجهز على مكتسبات الاقتصاد الوطني، خصوصا في ما يتعلق بالتوازنات الماكرو اقتصادية”.

وبناء على ذلك، يرى المحلل الاقتصادي، أن “هوامش الحكومة تبقى ضعيفة ما عدا إذا أفرزت الانتخابات المقبلة ائتلافا حكوميا قادرا على بلورة بدائل مبنية على النموذج التنموي الجديد وعلى جرأة سياسية تمضي قدما في الإصلاحات”. 

وفي ما يتعلق بالإصلاحات الضريبية، أكد فقير أن هذا الأمر لا يمكن أن يتم في أشهر أو سنة، بل يتطلب خمس سنوات على الأقل، مبرزا أن الحكومة يمكن أن تشرع في إصلاح الوعاء الضريبي السنة المقبلة، “لكن يلزمها الكثير من الوقت المادي لإتمام وأجرأة هذه الإصلاحات”.

كما تطرق إلى إصلاح صندوق المقاصة، الذي اعتبره ليس بالسهل، ويتطلب بدوره وقتا وإرادة حقيقية.

وأكد المحلل الاقتصادي أن الرهان كبير على الحكومة المقبلة، “إذ تلزمها جرأة سياسية كبيرة لرفع الدعم عن صندوق المقاصة”.

وختم حديثه بالقول إن “البرنامج الحكومي المقبل هو الحاسم في البدائل الاقتصادية والسياسية التي من شأنها المضي قدما في الإصلاحات وتحقيق توزان اقتصادي واجتماعي، أو ربما لن ننتظر غطاء سياسيا لإصلاحات باتت تفرض نفسها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار